كيف تسلقت جدار قلبي غصناً من ياسمين
كيف انهمرت في روحي مطراً من حنين
لا تلومني عندما لم أبصرك يوماً
كانت حواسي الخمس فاقدة للدليل
وحين حدقت بعينيك
فقدت بعضي فيها وانتفى حزن السنين
حين همستَ لي أحبكِ
تساقط النبيذ من شفتيك
وانسكب دستوراً من السماء
تجلى فوق كل القوانين
فاعتنقت اسمك وحبك أجمل دين
خذني إليك
كما يأخذ الهواء اللحن الحزين
واجعلني نفسا لا يفارق رئتيك
وعلمني أبجدية العشق
ليعلم الكون اني كنتُ لكَ من العاشقين
امتلأت بك
اكتملت بك
توحدت بك
شكراً لأنك آخر أنفاس القديسين
في صحوتي هائمة به
وفي غفوتي
وبين صحوة وغفوة
يتسلل الى أعماق أنسجتي
يحبس أنفاسي داخل قمقم
ويحرر ثورة أنفاسه
يدون رسالة على جسد ظلي
يلقحها بعشقه السرمدي
يدس قبلة محرمة بين اللانهايتين
يغوص في شواطئ الأبدية
يمضي الى أعماق الكون
حيث تصان أسرار الكون
يغتال تفاصيلي تحت ألف عنوان
يبدع في احتلال أجزائي
يعيد تكويني من جديد
يحرق ما تبقى من دساتير الأرض
وبين وريدي ودمي
يصنع فلسفة الحياة
قميصك الأسود
حكاية الليل
على وسائد اللهفة
يحاكي رضاب القلب
قميصك الأسود
أمنية منتظرة
على صخرة الحنين
أذوب بين فتحات أزراره
وأمتزج بسحر أسراره
فينتفي الوجود من الوجود
أشتَم رحيق عطره الغافي
وأشتُم المسافات بكل اللغات
تائهة خطوات الحنين
مصلوبة أبجدية العشق
مشتعل باللهفة صوت الأنين
عارية كالظل أغصان الأشواق
ودموع شمعتي ترتدي الكبرياء
سحرك يغري صمتي سراً
أختبئ منه خلفه
فتلاحقني عيناك
وتحتل ما تبقى مني
فيصبح الفراغ ممتلئ بك
وأصبح أنثى من زمن آخر
ليس المرعب أن نتألم ونموت
لكن أن تكون حياتنا بلا جدوى
ليس المؤلم مرور العمر
بل العمر المهدور بلا فائدة
هناك أشياء ترحل ولا تعود
وهناك أشياء لا ترحل أصلاً
هناك من نلتقي بهم
لكننا لا نبصر وجوههم
لانها ليست وجه من نحب
الخوف ليس بعودة الشتاء
بل أن لا نعود مع المطر
الحكمة ليست أن نشبه جمال الفراشات
بل أن نتعلم كيف نحلق كالفراشات
الى هناك الى حيث لا شيء الا البياض والنقاء والصفاء
ليس المهم حين نحب أن نغازل الورد
ونعانق المطر والبرق والريح
بل كيف نحب دون إصدار ضجيج
الحرية ليست أن نكون كالطيور المهاجرة وطنها
بل أن نتوق ونشتاق الى من نحب كاشتياقنا للوطن
ذات يوم
ستبقى حكايتنا
ذكرى في كتاب
بلا عنوان
ذات يوم
سنمشي كالغرباء
تحت المطر
ذات يوم
ستسقط دمعة
تعثرت ببسمة شريدة
تحكي قصة قلب
عزف لحن الوفاء
على ضفاف النقاء
في موطن الشمس
وفي زمن الضياع
سأترك كلماتي تحيا بذاكرتك بعد رحيلي
وحين أصبح رماداً أو دخاناً
ستمطرك غيمتي حروفاً نرجسية وكلمات وردية
تتساقط شعراً وخمراً وماءاً فوق كونك
فحينها تصبح دمعتك أمنية حارقة
تشتاق لدفء رمال السماء عند ابتسامة الليل
تتوق لغفوة فوق أهداب غيمة نازحة
مكثت في رعشة سطوري
فتتلاشى كقطرة ماء
أبت أن تموت عطشاً
على ضفاف مملكتك
سأدع فتات أنفاسي تقتات من عطر الحروف
وتقطف من جبين الكلمات شوق الصحارى للمطر
سأعيش عناق القمر للنجوم
وكرنفالات الورود لقدوم الربيع
سأعزف ألحاناً من الماء
عند خلجات أنفاسها تذوب الشمس
وعلى عتباتها تتكئ سحب التاريخ
وبين كفيها يغفو الوجود
لا أستطيع إخبارك ما لا أعلمه
ولا أستطيع اهداءك ما لا أملكه
ولا أستطيع الهروب
لكن أريد أن يتوقف الوقت
وأن يظهر في وضح النهار
الكثير من النجوم
كي أختبئ تحت جفونها
وأغفو في أحضان الريح
وأتنفس قليلاً من نسيم السماء
وأطلب أمنية صامتة
حتى تتمكن من رؤيتي
عند أداء صلاتك
من رحم المأساة يولد الشوق
مضمخاً بالحزن الدفين
ومن سكرات الموت
صوت يسترسل النغمات
قادم من أعماق التاريخ
ولد من طين السماء
في زمن يلفه الضباب
والغيوم المتخمة بآلاف الرعود
والأمواج تتدافع بين يديه
ضاق به الإناء
أثقلته لعبة الأقدار
ارهقه البحث عنها بين الفصول
لم يكن يعلم أنها ممتلئة به أنفاسها
وأن حبه يجري في مساماتها
وأنها لا ترى غيره أهلاً لقلبها
وأنه لعينيها كل الفصول
باردة أوصال الكلمة
حاصرها الصقيع
يئِن نبضها
باردة أوتار الحرف
إجتاحها الصمت
تعرَّت روحها
تائهة القصيدة
أُفلِت عطرها
من بين أصابع السطر
تلاشى نبض الحكاية
بدَّدها الهمس البعيد
تردِدُها نوارس البحر
هناك حروف
نكتبها بالقلم فتذوب بين السطور
وتبقى كالأجساد الهامدة فوق التراب
وأخرى نكتبها بدم القلوب
فتبقى على عرش الصدور
أكثر إجلالاً ومهابة من عرش ألف مملكة
ضحكت كثيراً بين سطوري
وبكيت كما تبكي النساء بصمت
وحين بكيت بكى صمت الكون والأشياء
وتوارى وراء الأثير
ووراء نقاب السكون
معانق العدم وغفوة الوجود
حيث ترقد الشمس
على بعد قبلتين
أرهقها العطش
وحزمة من أنفاسك
تصارع الغرق
على شفتي الحبق
من أجلك ما زلت هنا
أنا الآن أكثر جمالاً
وأكثر سحراً وأنوثة
لولا وجودك
لن أكون أكثر من نقطة
في هذا العالم الذي
يأتي ويرحل
ربما كنت سأدعي أنني موجودة
ربما كنت سأكون خيطاً من ذكرى الأمس
وظلٍ من صدى الغد
سر الحياة ولغزها خلقته أنت
إنتشرت في كياني طولاً وعرضاً
علواً وعمقاً
وفي كل إتجاهاتي
وأبدعت في محاصرة جميع حواسي
شاغلاً كل فراغ الروح
امتلاءاً كاملاً
هائمون نحن في سماء الصحراء
نحمل ما تفوق أن تحمله أجنحة الخيال
بين دهاليز الحياة
قوانين لا تخضع للمنطق
ومنطق لا يخضع لأية قوانين
حتى السماء تغضب منا أحياناً
نحن نبلغ ذروة السعادة حين نؤمن
أن الكون كله ينصت لنا
فإما نور يضيئ الدرب
وإما عتمة تقهر النفس
أو نكسرها بإيمان عظيم
أو نتركها تعيق وصولنا
لحظات السعادة وحدها تستحق العناء
ووحدها تستحق أن نحترق من أجلها
فهي تحاصرنا تقيدنا بسحرها
وتعيدنا دائماً الى هناك
لتبقى لذتها ملتصقة بأعماق الروح
نحن من نلون حاضرنا وغدنا
نحن من نرسم ابتسامتنا ودمعتنا
الذنب ذنبنا فلا نعاتب الأقدار
في تلك الليلة الماطرة بزخات الشوق
في تلك اللحظات العابقة بسحر الكون
ثملت قبلات الورود على ثغر الليل
سكنت الأحلام في ثوب الشتاء
من ملامحه أعلنتُ ولادة الشموع
واشتعلت جمرات الحب في كؤوس الصمت
وغفا الجمال ثملاً عند شهقات الفجر
فصلتُ ذاتي عن ذاتي
وحلقَت روحي عارية في أفقه
ومضَت الى أعماق الكون
واحترقَت عند أسوار سماواته
فاختصر وجوده
وعبر حصون مملكتي
بنبيذ حرفه الشهي
برحيق عطره الذي لا يشبه الا روحه
وتلاشى عند حدودي
حيث لحظة الإكتمال
عانقت ثورة أنفاسه
وفي جسد حواسي دوَّن ميلاده
ومنح قصيدتي لحناً خالداً
لا تلومني الدنيا لو قلت لك أن نور الله تجلى بك
وإن كل ما قد خلق إنما قد خلق لأجلك
وأن كل الجمال الذي وُجد أنت سببه
وأن الحب لا يليق إلا لقلبك وعينيك
وانك فارساً من فرسان الأزمنة المنقرضة
وأنك أول كلمة من القصيدة
والنقطة في آخر سطورها
وأن صوتك وشم من جمر لن ينطفئ
وكل الليالي المضيئة بنور وجهك
وأنك سيد كل الحكايا وسعادتي الأبدية
حين تغيب
لن أفتش عنك بعيداً
سأنظر الى أعماق قلبي
حين تغيب
لن أبحث عنك خارج حدودي
أراك وطناً وآخر السماء
حين تغيب
أفتش عنك بي
فأجدك
في نبضي ودمي ووريدي
هذا المطر
ثمل هذا المساء
يتساقط حنيناً مبللاً بأنفاسك
هذا المطر
مجنون هذا المساء
تغرقني قطراته بعطرك
هذا المطر
طاهر هذا المساء
توضأ برحيق عينيك
هذا المطر
بلا مظلة هذا المساء
يغرسني رشفة عطش فوق ظمأ شفتيك
قلبك الطاهر ما سره
أهو قصة غيمة هاربة من صمت الأيام
أم قصة تنهيدة آتية من دنيا الأوهام
حبك الصادق ما سره
هل هو انعكاس لطهارة السماء
أم محيط يطفو فوق أنفاس الأنبياء
ضحكتك ما سرها
أهي نبوءة قادمة من كتاب التاريخ
أم آية منسية من القرآن والإنجيل
لا تهجرني ولا تسكنني
لا تقترب مني ولا تبتعد كثيراً
كن بعيداً وابقَ قريباً
إن الحب يعشق الحرية
لا يحب القيود والإستعمار
هو نفحة من نفحات أنفاسك وأنفاسي
هو ابتسامتك فوق ثغر الحياة
وغفوتي على صدر الغيم
هو خطايانا المتناثرة
على جسد الامنيات العاريات
حبك غذاء لروحي كما الصلاة
قبلك كان الحب موجود في قلبي
لكنه كان غافياً هناك
فاقداً للذاكرة
يصارع صقيع زماني
وعواصف غربتي
انت من أشعلت ذاكرته
وأوقدت نيرانها
ومزقت صمته
وأطلقت حريته
فأصبح على قيد الحياة
لم يعد دمي وحيداً
ما دمت تسير معه في الوريد
حبك نسجني بخيوط من حرير
حولني لفراشة
لا تعرف التحليق
بعيداً عن وهج قلبك
فعشقت الإحتراق به
فكانت لحظة الخلود مع ذاتي
واللحظة الأقرب الى أنفاس السماء
اختمر في أعماقي
فأنجبت منه قصيدة
بطعم شهد ثغره
بدفء غيم عناقه
بسحر نفحات أنفاسه
تشبه ملامحه
وسكبت فوق حروفها
شيئا منه
ولونتها بنبرات صوته
وهبتها حروف اسمه
آية تمحو ذنوب السطور
زرعت بكريات دمها زنابقه
وقرنفلة بيضاء
فأزهرت أنوثتها بربيع قلبه
ورود إرتعاشات الكلمات
حين أمد يدي للقدر
لا لأجل أن أعانقه
أو أطلب منه شيء
أو أصافحه
إنما كي أبحث عنك في عروقه
علني أجدك هناك تنتظرني
فقد وعدتك أمام الله أن أحبك
لن أخلف وعدي معه
سأحبك على الأرض
وفوق وسائد الزمان
وفي ملكوت السماء
قلبي هيأته لك
قبل ألف عام من الحب
لم أقرأ عنك في أساطير العشق
أو في رسائل الأنبياء أو عناوين الأيام
ولم تجمعنا صدفة جميلة في الطريق
وجدتك على قطعة أرض منسية
من زمن الأنقياء والأوفياء
عارية من خطايا وذنوب البشر
تتسع لتفاصيل حكاية حبي لك
أحلم أن أكون رسالة محبة في الأرض
معركتي الوحيدة أن أزرع الحب في عروقها
والإيمان والصدق في قلوب البشر
والسلام في جسد هذا الزمان
نعيش أحلاماً متكسرة خلف صخور السراب
وأمنيأت مزيفة في زمن صقيع القلوب
سأحمل بقايا روحي المتناثرة
فوق رماد الأيام الباهتة وأمضي
علني أجمعها من جديد
بعيداً عن خطيئة الزمن
بعيداً عن ضجيج الأموات